مـــن هـــم ولاد آزم ؟
تنتمي قبائل ولاد آزم الى فيدرالية صنهاجة مصباح الموجودة على ضفة واد ورغة و هي منطقة جبلية بإمتياز و التي تدخل ضمن خانة المناطق التي تمثيل مقدمة جبال الريف المغربية.
ولاد آزم هي من بين أعرق القبائل صنهاجية بحيث يعود تاريخ هذه القبائل الى ما قبل الفتح الاسلامي حسب المؤرج الفرنسي برنار لوكان في كتابه " تاريخ المغرب".
تعزز مجد قبائل ولاد آزم مع مجيء أحد أبناء الادارسة و يقال , محمد بن ادريس الثاني ابن ادريس الاول( مؤسس دولة الادارسة بفاس ) خلال القرن العاشر للميلاد فرا من فاس .
كان مجيء هذا الشريف الادريسي الى هذه المنطقة هربا من بطش موسى ابن أبي العافية المكناسي الناصبي, الذي كان قد مَلك أكثر المغرب فضيق على السادة الأشراف الأدارسة و عزم على استئصالهم و إجلائهم إلى مناطق متعددة من المغرب.
فكان لا سبيل لمحمد ابن ادريس و بعض أصحابه من أصول فارسية سوى الهروب الى منطقة صنهاجة, لأن هذه القبائل كما ذكرت سابقا أنهم كانوا من محبي سلالة الرسول (ص). و منطقة ولاد آزم كانت المأمن لهذا الشريف, استقبلاه و أعطوه الامان.( في رواية )
(جاء في كتاب:زهرة الأخبار في تعريف أنساب آل بيت النبي المختار للعلامة المحقق والنسابة المدقق ابن عبدالله أحمد بن محمد التلمساني المقري تغمده الله برحمته الآتي :
(باب في ذكر تولية الخارجي موسى بن العافية )
و من هذا الاخير, جاء سيدي يحي اليازمي, الجد الاسمى لهذه القبائل و ضريحه لازال الى يومنا هذا بمنطقة ولاد آزم و المعروفة بزاوية سيدي يحي اليازمي و ترك هذا الوالي ذرية كبيرة ملأ بها صنهاجة الظل و هم ما يعرفون حاليا بالشرفاء ولاد آزم .
كان لهذه القبائل أثر كبير في تغير الواقع الثقافي و اللغوي و الاقتصادي و الصناعي لأغلب المناطق المجاورة لها مثل عين مديونة و بني وليد و امتيوة و بني ونجل .....و الى حتى صنهاجة السراير , و ذلك بفضل مجموعة من المميزات التي كانت تتوفرها هذه المنطقة بفصل رجالاتها و قربها و علاقتهم بمدينة فاس التي كانت منبع العلم و العلماء و التطور, نذكر من المجالات التطور التي كانت تمتاز بها قبائل ولاد آزم فيما يالي :
في المجال الصناعي كانت منطقة ولاد أزم من المناطق الاولى في المغرب التي تعرف بصناعة النسيج أو ما يسمي "بالدراز", و هي في الاصل كلمة فارسية, وهي صناعة تختص بصناعة 'البطانية' أو 'الحياك' ... وذلك باستعمال ألة تسمي 'المرامة' التي تقوم بتشبيك الصوف و الخيوط بطرقة فنية لتعطي في نهاية منتوج مثل لباس أو غطاء تقليدي رائع, و يرجع تاريخ هذه الصناعة و التي هي في الاصل الاول ترجع الى الفرس أو الايرانيين حملها بعض الفرس الى المغرب في عهد الادارسة و ذلك لحسن العلاقة التي كانت تربط الادارسة بالفرس أنداك ضد الحكم العباسي في المشرق, و كما ذكرت أعلاه أن محمد بن ادريس الثاني هرب و معه بعض أصحابه من الفرس. و بفضل هؤلاء عرفت صناعة النسيج أو "الدراز" انتشارا كبيرة في منطقة ولاد آزم و بعض المناطق المجاورة مثل منطقة عين مديونة و بخصوص في دوار بوكنالة.
في مجال الفقه كان لولاد أزم دور كبير في نشر مبادئ الاسلام الى المناطق المجاورة, بحيث كانت تعرف هذه المنطقة بكثرة الفقهاء و العدول و أغلبهم فقهاء تخرجوا من جامع القرويين بفاس, و كانوا يحملون رسالتان و هما نشر الثقافة الاسلامية و التوثيق, في حين تميزت هذه الوظيفة بما يسمى بالمنوبول لعدة قرون في منطقة صنهاجة مصباح , أي أنك لا يمكنك أن تجد عدول من غير عدول ولاد آزم في أسوق صنهاجة مصباح كلها. ومقرهما كان غالبا في الاسواق الاسبوعية و ينتقلون عند الناس في حالة الضرورة لذلك و بقي حال بعضهم كذلك الى يومنا هذا.
في مجال الطبي و مند قرن طويل مضت كان لولاد آزم دور فعال في تطبيب من عدة أمراض مثل :
بوصفر , بو زلوم , مسمار الكيف , الطايرة , البراس , الخ ...
و ذلك بطريقة تقليدية و بالقرب من المريض أو عن بعد, و هذا غريب بحيث كنت أسمع من بعض الناس: " لتدوي من مرض بوزلوم مثلا يمكن أن ترسل فقط اسمك لطبيب المداوي في ولاد آزم و سيقوم بعلاجك عن بعد".
في المجال التجاري, كانت من بين المناطق عرفت ثورة تجارية كبيرة في صنهاجة بفضل صبر وشجاعة آهل هذه المنطقة.
و كانت لآهل ولاد آزم علاقة وطيدة بالاسوق القريبة و البعيدة عن منطقتهم و كانوا و لازالوا تجار كبار و لجوؤهم الى التجارة كمصدر أساسي لعيشهم ربما راجع الى تضاريسهم الجبلية الصعبة التي تجعل من الزراعة أمر صعب للغاية في منطقتهم .
ما هي العلاقة بين ولاد آزم و عين مديونة ؟
تمتاز العلاقة بين المنطقتين كالتالي:
أولا هي علاقة القرب الجغرافي, تفصل بين المنطقتين مسافة تقدر بحوالى سبع كيلومترات, و عين مديونة بالنسبة لأهل ولاد آزم هي أقرب منطقة تمتاز بتنوع في تضاريسها بحيث نصفها جبال و نصف الاخر 'لوطة' و هي بالنسبة إليهم طريق الى عين عيشة و فاس و المناطق الاخرى .
ثانيا هي علاقة أخوة, أي أنهم هم ينتمون الى نفس الفيدرالية و هي صنهاجة مصباح, و لم يسجل التاريخ انه كان خصام أو نزاع بينهما, بل بالعكس دائما كان هناك تعايش و تسامح و محبة بينهما و دليل على دلك هو وجود عائلات عريقة من أصل يازمي تعيش مند قرون في عين مديونة .
ثالثا العامل الديموغرافي , كما نعلم مند القديم أن منطقة ولاد آزم تعرف نمو ديموغرافيا كبيرا. و لازال التزيد الديموغرافي مرتفع الى يومنا هذا, مما أدي الى نقص في المساحات الصالحة للبناء في منطقتهم , و بحكم أن أغلب السكان يشغلون في التجارة يجدون صعوبة في حياتهم اليومية مع الصعود و الهبوط من أعلى الجبل الى الطريق التي توجد في أسفل الجبل .
فأضطر أغلب السكان ولاد آزم الى الهجرة و لم يختاروا الاماكن البعيدة عن بلدتهم بل وأغلبهم فضل الهجرة الى عين مديونة و ذلك نظرا الى عدة أسباب منها قربهم الى السوق و المرافق العمومية و ومستلزمات العيش الكريم و وجود قطع أرضية للبناء معروضة للبيع مما يسهل عليهم الاستقرار. و ظهر هذا الزحف بشكل كبير خلال بداية التسعينيات من القرن الماضي و بداية هذا القرن بالإضافة الى مجموعة من مجموعة من الاسباب أخرى نذكر منها :
القرب من غلال الاشجارهم الموجودة ببلدتهم و بالقرب من أهلهم ...
و زيادة على ذلك, أن أهم مزودي السوق الاسبوعي لأربعاء عين مديونة بالخضر والفواكه هم ابناء اولاد ازم، وللإشارة فإن اغلب سكان اولاد ازم يتركون سياراتهم بموقف السيارات بمركز عين مديونة بسبب وجود حارس ليلي، ويذهبون الى منازلهم باولاد ازم وفي الصباح يرجعون الى عين مديونة وسياراتهم في مأمن تام.
وبفعل التساقطات المطرية الكثيرة للسنوات الماضية التي عرفتها المنطقة، حيث عرفت بعض المنازل انهيارات وتشققات، اصبح الكثير منهم يفكر في اقتناء قطعة ارضية وبالتالي الاستقرار بجماعة عين مديونة.
و في النهاية أود أن اشير الى الدور التنموي الذي ساهمت فيه هذه القبائل في انعاش الاقتصاد المنطقة, و احداث رواج و تنافسية و الدفع بالاقتصاد المنطقة نحو الامام و تحقيق تنمية مستدامة مبنية على التعايش و التعاون و المحبة.
تعليق : أحمد الصيد , 10/02/2015